الجمعة, 27 أغسطس 2010
خلال صلاة التراويح في أحد مساجد العاصمة الجزائرية (رويترز).jpg
بدأ وزير الدولة الجزائري المكلف شؤون الجاليات في الخارج حليم بن عطا الله زيارة لفرنسا تقوده إلى مارسيليا ومونبولييه وباريس، تتزامن والجدل الدائر في الأوساط السياسية الفرنسية في شأن «الهوية الوطنية» وتعديلات قانون الجنسية وتحميل الأهالي مسؤولية جرائم أبنائهم، كما تحاول معالجة تقلص نفوذ الأئمة الجزائريين في المجالس الإسلامية الفرنسية.
وأعلنت وزارة الشؤون الخارجية في بيان أمس أن ملفات «تحسين ظروف الإقامة وتعزيز الحقوق المكتسبة والدفاع عن مصالح أعضاء الجالية الجزائرية وحمايتها، بما فيها على الصعيدين الثقافي والديني» ستكون محل بحث خلال الزيارة التي يلتقي الوزير خلالها أيضاً رؤساء المراكز القنصلية الجزائرية في فرنسا.
وتضم فرنسا أكبر جالية جزائرية في الخارج قوامها نحو أربعة ملايين. وسيسعى الوزير الجزائري إلى محاولة تقديم المساعدة لعدد كبير من مواطنيه الأعضاء في المجالس الإسلامية في المدن الفرنسية، بعدما أدت الانتخابات الأخيرة لهذه المجالس إلى إفقاد الجالية الجزائرية نفوذها التقليدي الكبير الذي تمتعت به لعقود في الهيئات الإسلامية.
وتأتي الزيارة بعد لقاءات بين مسؤول فرنسي وأئمة عقدت في الجزائر، في إطار ما بدا «صفقة» مع باريس للتعامل مع تحفظاتها على خطاب بعض الأئمة في مقابل عدم تعرضها لحظوظ الجزائريين في انتخابات تجديد المجالس الإسلامية. وأكد المسؤول الفرنسي خلال هذه اللقاءات احترام دولته للإسلام والمسلمين، لكنه قال إنها «ترفض أن يفرض عليها نقاش من أي طرف كان يتجاوز الدستور والقوانين».
وجمعت السلطات الجزائرية هذا المسؤول وعميد مسجد باريس دليل أبو بكر مع عشرات الأئمة الذين أرسلتهم إلى فرنسا خلال شهر رمضان، بهدف تبليغهم بـ «الحدود» التي تفرضها فرنسا في مسائل الديانات. وبين البلدين اتفاق منذ العام 1983 لإرسال أئمة جزائريين إلى المساجد الفرنسية، لكن عدد هؤلاء تقلص خلال التسعينات بسبب تحفظات فرنسية.
وشدد عميد مسجد باريس خلال اللقاءات على أن «قضايا حظر النقاب والبرقع مسائل سياسية وقانونية يتحتم على الأئمة الجزائريين احترام وجهة نظر الدولة الفرنسية فيها». وأضاف أن «على الأئمة احترام القانون في فرنسا وعدم الخوض في الجدل القائم حول الهوية... لا نريد الخوض في الجدل مع الحكومة... نحن من يفترض فينا احترام قوانين المجتمع». ودعا الأئمة إلى «المساعدة على حل مشاكل الجالية وتمكينها من الاستغناء عن حل مشاكلها عبر المحاكم الفرنسية»، معتبراً أن «من الخطأ اعتبار أن فرنسا تخوض حرباً على الإسلام أو تضايق المسلمين ولا تفرق بين الديانات».
من جهة أخرى، دعت الجزائر عدداً من مقرري الأمم المتحدة في شأن حقوق الانسان وخبراء أجانب آخرين للتحقيق في الوضع الحقوقي في البلاد. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان فاروق قسنطيني قوله في تصريحات صحافية نشرت أمس أن رئيس الوزراء أحمد اويحيى «دعا مقرري الامم المتحدة حول حقوق الإنسان لإجراء تحقيقات وتقويم وضع حقوق الإنسان في الجزائر».
وأوضح أن الدعوات وجهت إلى سبعة مقررين، بينهم اختصاصيون في العنف ضد النساء والحق في التربية والحق في التغذية وتوفير مياه الشرب. وأضاف أن الجزائر دعت أيضاً اللجان الوطنية لحقوق الإنسان في بلدان عدة مثل كندا والمغرب وفرنسا إلى التحقيق في أوضاع حقوق الإنسان في الجزائر، مشيراً إلى أن بلاده «قررت الانفتاح في مجال حقوق الإنسان... إنه تقدم هائل، وهناك إرادة سياسية لإقامة دولة القانون».
إلا أنه أكد أن الجزائر لم تدع المنظمات غير الحكومية المدافعة عن حقوق الإنسان. وأوضح أن «المنظمات غير الحكومية لم يسمح لها بعد بالتوجه إلى الجزائر التي قطعت علاقاتها مع منظمات غير حكومية ساندت الإرهاب» خلال التسعينات. لكنه أعرب عن الأمل في عودة تلك المنظمات التي طلب منها «تقديم اعتذارات إلى الشعب الجزائري وحكومته».