[في أحد الأزمنة القاتمة كان هناك سلطان جائر اسمه زعرور وكان يحكم رعيته بالحديد والنار ، وأراد المخلصون من رعيته أن ينصحوه فاتهمهم بالخيانة وأودعهم سجنا رهيبا كان قد خصصه للبهائم ، فضجت الأهالي وضاقوا بتصرفاته ذرعا ثم قالوا : لابد من أن نرفع أمرنا إلى قاضي البلدة .
قال البعض : إن القاضي ضعيف ولا يستطيع فعل أي شيء .
قال الآخرون : إن هذا هو آخر حل لدينا .
ذهب القوم إلى القاضي وقالوا له : إنه لا يخفى عليك مايفعله السلطان بنا ولا بد من أن نقوم بعمل يكبح جماحه ويوقفه عن ظلمه ، فأجابهم القاضي : اجمعوا أشراف البلد وتعالوا إلى مسجد الحي عند الأذان الأول من فجر الغد .
وسمع السلطان الخبر من أحد جواسيسه فاستدعى القاضي على الفور ، فلما مثل أمامه قال له موبخا ومعنفا :
ويلك ، تجتمع مع السوقة لقلب نظام الحكم ؟؟
قال القاضي : لا ، إنما نجتمع لندعو الله عسى أن يزيح عنا الغمة .
ضحك السلطان بتهكم وقال : ولا شيء غير الدعاء ؟
أجاب القاضي : نعم .
قال السلطان : إذن ادع حتى ينتهي بك الأجل .
فقال القاضي :
أتهزأ بالدعاء وتزدريه ؟ وما يدريك ما فعل الدعاء
سهام الليل لا تخطي ولكن لها أمد ، وللأمد انقضاء
واجتمع القوم صبيحة ذلك اليوم وتوجهوا إلى الله بقلوب منكسرة وجأروا بالدعاء فلم تمض أيام إلا والسلطان يقع من ظهر دابته وتدق عنقه ويفارق الحياة .