من معلم " كهرباء سيارات " إلى مقعد بعين واحدة ... احتيالات " قانونية " تطيح بمنزل و قدمي " جوزيف " وأسرته
15:03:28
المكان أشبه بقبو مهجور يتجمع فيه حطام منزل قديم , سقف من ألواح الزنك يتداخل فيه أشرطة كهرباء عشوائية غير منظمة وغير معروفة الوجه لكنها لإنارة ما يمكن في بهو القبو ، وفي السقف وعاء يوضح أن السقف في الشتاء كان يسرب الماء فوق ساكنيه ، كل الملامح تشير إلى حياة من المعاناة والألم .
هذه المقدمة ليست بداية قصة مؤثرة أو كلام إنشائي في موضوع تعبير بل تصوير ورصد لمعانة أسرة من أب وأم وشاب يتعايشون مع واقعهم المظلم بعد أن كانوا يعيشون في منزل محترم يؤمن أبسط أشكال الراحة الإنسانية قبل أن يسلبو منزلهم تحت مظلة القانون !
المواطن " جوزيف طاشجي " وعمره 61 عاما يعيش مكرها في هذه المكان القسري لأحد من البشر التجأ إلى " الاتجاه العكسي " كما أسمانا بعد أن طرق جميع الأبواب المفتوحة والموصدة دونما رد لاستعادة منزله ، رجل بأرجل مقطوعة وعين واحدة صالحة للاستخدام البشري يرقد على سريره وبجانبه كيس بشتى أصناف الأدوية ، في صوته حشرجة ألم تشعر بها للوهلة الأولى من الحديث ويضع أملا كبيرا بنا بإيصال صوته للمسؤولين .
تبدأ القصة منذ العام 1997 عندما قام " جوزيف " بالاستدانة مبلغا بالفائدة من " قره بت – أ " ولضمان حق الأخير بالمال فرغ جوزيف بمنزله له قيمته الآن خمسة ملايين ليرة ،وكان غرض جوزيف هوا جراء عمليات جراحية مستعجلة لزوجته المريضة في المشفى .
يقول " جوزيف " لعكس السير : " عمل قره بت على استلام المنزل عن طريق القضاء طمعا بالمال ، لكن جاء الحكم بفسخ التسجيل وكسبنا الدعوى بداية واستئنافا ، وظلت الدعوى منظورة أمام محكمة النقض الغرفة المدنية الثانية ، وكنت قد قمت بوضع إشارة دعوى على العقار موضوع الخلاف والحكم بقي غير مكتسب الدرجة القطعية "
ويكمل " جوزيف " : " قبل سفري إلى أمريكا بقصد العمل حضر قره بت وصهره وأصبحوا يتوسلوا إلي أن نتصالح وننهي الخلافات بعد أن فشلوا بالاستيلاء على منزلي وذهبنا إلى محامي من طرف قره بت لكتابة صك مصالحة بأن أدفع له المال المستحق بزيادة 50 ألف أي 750 ألف ليرة وكونني لا أملك المال اقترح المحامي بأن نلجأ إلى المصرف العقاري بضمان المنزل المختلف عليه ن وفعلا سفرت والمحامي إلى دمشق لمحكمة النقض لإعادة الاضبارة إلى حلب "
ويتابع بالقول : " اضطرت للسفر إلى الولايات المتحدة فطلب المحامي توكيل شخص لمتابعة معاملة البنك فوكلت ابن أخي وهنا قام محامي الخصم باستغلال بساطته وسذاجته حيث قام بإرهابه بالدعاوى حتى أقنعه بالتنازل عن الدعوى وأنه إجراء روتيني لرفع إشارة الدعوى لاستكمال معاملة القرض ، وهنا حصل خصمي قره بيت على إسقاط حق ورفع إشارة بدون ضمان بموجب الوكالة "
خبر " يبتر" القدمين !
لدى معرفة " جوزيف بالخبر وما حدث من تنازل ابن أخيه عن الدعوى حدثت الكارثة ، لم يكن ليتحمل الخبر وهو مريض بالسكري والضغط فأصيب بارتفاع حاد في السكر والضغط واضطر لأن يخسر قدميه بعض معاناة مع الألم وبترت قدماه ، وزيادة في الحالة التراجيدية أصيبت إحدى عينيه بالعمى التام .
يقول " جوزيف " : " بدأت مرحلة الضياع في دهاليز المحاكم حيث قام الخصم بعملية تهريب العقار لأحد أقاربه بدعوى مستعجلة التنفيذ من محكمة بداية المدنية التاسعة وبموجبها طردنا من منزلنا في الشارع مع أثاث المنزل بالرغم من وجود إشارة الدعوى ، وأن دعوى الأساس لم تنتهي فيها الخصومة لم يصدر فيها قرار قطعي ولا تزال منظورة في النقض بعد أن كسبناها بداية واستئناف "
ويكمل : " قام محامي الخصم بساومتي على الصلح بمبالغ خيالية بالملايين في حين أن المبلغ الفعلي هو 700 ألف ليرة ، وبعدها هرب العقار إلى زوجة الخصم للمرة الأخيرة وهكذا أصبح بحوزة الخصم المرابي الذي سلبني منزلي الذي يبلغ ثمنه خمسة ملايين ، ودمر حياتي وصحتي وأصبحت مقعدا في قبو مهجور أنا وزوجتي وابني بانتظار رحمة الله "
قبل أن نرحل كان لا بد من فنجان قهوة أصرت علينا بشربه السيدة " نجاح " زوجة " جوزيف " التي فقدت الأمل بالجميع وتتوسم خيرا بنا بإصال صوته معاناتهم , أخرجت أكياس الدواء وأخبرتنا بأنه يتوجب على زوجها تناول عشرين حبة كل يوم عدا الحقن ، لم ترى حرجا بعد الآن فطالبتنا بتصوير المكان .
رحلنا على أمل لا نملك سوى كلماته التي وعدنا بها هذه الأسرة فهل سنزورهم يوما في منزلهم أم أننا سوف نتهرب من لقائهم لمدارة الألم !