أثناء دوران الأرض والمريخ حول الشمس يقع المريخ والأرض والشمس على استقامة واحدة وتكون الأرض في المنتصف كل 780 يوما أي حوالي السنتين، وهذا ما يسمى علميا بالتقابل، وبالطبع تكون أقرب مسافة بين الأرض والمريخ وقت التقابل، وعندها يكون المريخ ألمع وأكبر ما يمكن خلال هاتين السنتين، وعند التقابل يشرق المريخ من جهة الشرق عند غروب الشمس ويبقى ظاهرا طيلة الليل إلى أن يغرب في جهة الغرب عند شروق الشمس، وسميت الظاهرة بالتقابل، لأن موقع المريخ في السماء حينئذ يكون مقابلا لموقع الشمس.
وحيث أن مدارات الكواكب حول الشمس ليست دائرية تماما بل هي بيضاوية، فالمسافة بين الأرض والمريخ ليست ثابتة عند كل تقابل، فهناك تقابلات أفضل من أخرى اعتمادا على بعد كلا من المريخ والأرض من الشمس، فإذا كانت الأرض وقت التقابل في أبعد نقطة عن الشمس وكان المريخ في أقرب نقطة من الشمس عندها تكون المسافة بين الأرض والمريخ أقل ما يمكن ويكون هذا التقابل مميزا.
وفي عام 2003م كانت أقرب مسافة بين المريخ والأرض يوم 27 آب في الساعة 09:51 بتوقيت غرينتش، وبلغت المسافة 55.76 مليون كم، وهذه مسافة تعتبر قريبة جدا، ولقد كانت هذه المسافة أقل مسافة بين المريخ والأرض منذ 60 ألف سنة!! حيث كانت المسافة عند تقابل العام 57617 قبل الميلاد هي55.72 مليون كم! وكانت المسافة في التقابلات التي تلت العام 2003م أكبر من تلك عام 2003م، ففي تقابل عام 2005م كانت أقرب مسافة بين الأرض والمريخ يوم 30 تشرين أول وكانت 69.4 مليون كم، وفي تقابل عام 2007م كانت أقرب مسافة يوم 18 كانون أول وكانت 88.2 مليون كم، والتقابل الذي سيليه سيحدث عام 2010م وستكون أقرب مسافة يوم 27 آب وستبلغ 99.3 مليون كم، ولن يكون هناك تقابل ينافس تقابل عام 2003م إلا ذلك الذي سيحدث عام 2287م وستكون المسافة بين الأرض والمريخ 55.69 مليون كم.
أما بالنسبة للمعان وحجم المريخ وقت التقابل وحتى في أفضل التقابلات مثل ذلك الذي حدث عام 2003م، فعند التقابل يظهر المريخ بالعين المجردة كنجمة برتقالية لامعة ومميزة، إلا أنه يبقى ظاهرا كنقطة وليس بحجم القمر البدر بأي حال من الأحوال! فهو لا يظهر بحجم البدر حتى باستخدام التلسكوبات الفلكية!
من هنا نستنتج أن الإشاعة المتكررة كل عام في شهر آب تعود للعام 2003م عندما كان قسما من الخبر صحيح مثل المسافة بين الأرض والمريخ وأنه يمكن رؤية المريخ بالعين المجردة، علما بأنه يمكن رؤية المريخ بالعين المجردة في التقابل وفي غيره، إلا أنه يكون أشد لمعانا وقت التقابل. إلا أن معلومة ظهوره بحجم القمر البدر غير صحيحة لا في تقابل 2003م ولا في غيره! والمشكلة الحقيقية أن الإشاعة تعود بالظهور والإنتشار كل عام عند الإقتراب من يوم 27 آب على الرغم أن التقابل يحدث كل عامين وفي أيام أخرى غير 27 آب، وبعض التقابلات تكون غير مميزة.
ولا بد من ذكر أن ازدياد لمعان المريخ ليصبح مشابها للمعان القمر أمر مستحيل من الناحية العلمية والفلكية ، والسبب في ذلك يعود إلى أن لمعان القمر وهو بدر يبلغ حوالي (سالب) 13 - بينما لمعان المريخ في أقرب نقطة له من الأرض يبلغ (سالب) 2.9 - ، وهذا لا يعني أن القمر ألمع من المريخ بمقدار عشر مرات فقط ، أي ( 13 – 3 = 10 ) ، والسبب في ذلك يعود إلى انه حسب مقياس لمعان الأجرام السماوية يزداد لمعان الجرم عن الذي يليه بمقدار مرتين ونصف، أي بعملية حسابية بسيطة سيكون مقدار لمعان القمر وهو بدر أشد من لمعان المريخ وهو في أقرب نقطة له من الأرض بمقدار 2.5 مرفوعة للقوة ( 10+1 ) والتي تساوي تقريبا 23800 مرة .
وفي سياق آخر هناك حركة وهمية للمريخ تسمى الحركة العكسية أو الحركة التراجعية وهي ليست حركة في الكوكب نفسه أو في دورانه، وإنما هي حركة ظاهرية على خلفية النجوم.. وتشاهد الحركة التراجعية في جميع الكواكب التي يقع مدارها خارج مدار الأرض، أي بدءاً من المريخ وحتى بلوتو.
ففي لحظة معينة من دوران الأرض سوف تدرك كوكب المريخ وتسبقه.. وفي هذه الأثناء يبدو كوكب المريخ يتحرك في السماء النجمية للراصد على الأرض بعكس جهة حركته الطبيعية، أي من الشرق إلى الغرب.. يشاهد ذلك لبضعة أيام أو أسابيع ثم يستأنف المريخ حركته الطبيعية في السماء.
فإذاً لا يوجد أي تبدل في حركة المريخ ودورانه.. وهو لن يتوقف أو يغير جهة دورانه أو يعاود الدوران في الجهة الأخرى، فالكواكب تتحرك حركة متواصلة ثابتة .