كانت يا بوذا
من طاقة كهفي
تُشرق أحلامُ خلاصي
حولي كلُّ البسطاء جياعٌ
ينتظرون
وعلى أوجههم
مشهدُ شوقٍ مجنون
قاماتٌ ناحلةٌ وعيون
وشهاب الدين المقتولُ يبعثرُ أوراقه
ما عاد يصدِّق شيئا
حتى إشراقه
وصغارٌ زرعوا الخنجرَ في ظهره
مازالوا غربانا نعاقة
تزداد صفاقة
* * *
كانت يا بوذا
تؤنسني فكرة
وارتَحَلَت عنّي
وعيوني تَبعَت درباً من غير نهاية
غاية بؤسي أنّـي
لبثت في عيني دمعة
وارتَفَعت راية
العشبُ اليابس أفق
والراعي حطَّم نايه
وغبارُ الصيفِ الأصفر
يقتحمُ العالمَ حولي
يلسعني كالنحلِ
لا شيءَ سوى شمسٍ حارقةٍ
وظلالٍ خرقاء
اللون الأصفر فيها
من صُلب الأشياء
واحتنا جفَّت
وبقينا نبحث في الأرجاء
عن قطرة ماء
ماذا نفعل يا بوذا في هذي الصحراء
* * *
واحدودب همّي فوقي
يقصِف كالبرقِ
تلكَ العزّى تَعشقني صنماً
أو تَحرمني عشقي
هذي اللاتُ تزيِّن لي جوعي
أو ترميني بالفسق
هذي الأصنام أنا خبزتها
إن أحكي
تتحاور في شنقي
تنكرني
وتعيش على خلقي
تبقيني أم لا تبقي
سأكون أنا حتما
إنسانا لا صنما
حتى لو شقّوا حلقي
* * *
قلبي يتضوَّر جوعا ً
والسوقُ تبيع هموماً
والكون يشيع سموماً
ثكلتني أمي
لا اعرف أنّي في عصر كساد
يتطيَّر منّي ربّي
فأصيرُ رماد
* * *
ماذا يبقى يا بوذا
إن عُرِضَت أحلامي في ثوبِ حداد
في سوقٍ سعَّرها الأوغاد
ماذا يبقى ... إن حبسوني في كأس زجاج
أتفرَّج دوما
وأصفِّق لابن جلا
وأغنّي للحجاج
* * *
يا طفلا يحلم بالخبز وبالسكر
والعالم من حولك يسكر
تلعب "بيت بيوت"
وترى كل الأحلام تموت
تبحث عن لقمتك الحمراء
في تاريخ العظماء
في كتب الفقهاء
وأبوك الكادح
يخبزُ أيـّاما سوداء
يا ولدي
العالم يغرق في دمع الفقراء
قل لأبيك القابع في بحر الحسرات
كفكف دمعكَ يا أبت
واحمل سيفكَ يا أبت
ولنَتَجَلّى فوق النكبات
* * *
جاءكَ بوذا يحملُ فاسه
ويصرُّ على أن يخلع نفسه
يحملُ منجله وينادي الحصادين
الكلُّ سواءٌ
إلا مَن يفقدُ حسَّـــــه