أسعار الحلاقة النسائية تحلق بعيداً عن التسعيرة الرسمية .. والأخطاء خارج الحساب

سيدة: دفعت 25 ألف مقابل تصفيف شعري والمكياج بحجة اني عروس وانه تفرغ لي

حلاق: الأجور القديمة لم تعد مناسبة خاصة فيما يتعلق بفواتير كهرباء المحل

تنفرد مهنة الحلاقة النسائية بارتفاع أجورها ما دفع كثير من السيدات للتذمر واتهام الحلاقين بالنصب تحت "حجج بالية"، فيما رأى أصحاب المهنة، أن أسعارهم بالكاد تغطي نفقات صالوناتهم، واصفين التسعيرة الرسمية بأنها "لم تعد مناسبة".


بدورها الجهات المسؤولة عن حماية المستهلك أكدت "وجود ضوابط وأسعار مفروضة ومناسبة للجميع"، وبأنه يتوجب على أصحاب الصالونات (يوجد بدمشق 2200 صالون مرخص) إعلانها بشكل واضح والتقيد بها، لافته إلى "صعوبة دخول المراقبين الرجال إلى الصالونات، وعدم تقدّم الزبائن بشكاوى بسبب الخجل".



دفعت 25 ألف مقابل ثلاث ساعات عمل

اشتكت نور 24 عام ربة منزل، من الأجر المرتفع الذي دفعته لأحد الحلاقين، وقالت "بغية الظهور مميزة في حفلة زفافي قصدت أحد الحلاقين المشهورين، لكن الصدمة كانت أكبر مما توقعت، حيث طلب مبلغ 25 ألف ليرة سورية لقاء تصفيف شعري والماكياج بحجة أني عروس وتفرغ لي".

وأضافت إن "معظم الوقت الذي قضيته في الصالون كان بالانتظار، فقد جئت إلى الصالون حوالي الساعة 10:30 صباحاً وخرجت الساعة 5:00 مساء، وبجمع الوقت الذي استغرقه تصفيف شعري والماكياج ينتج ثلاث ساعات عمل".

وبدورها قالت إباء 16 سنة طالبة مدرسة، إنه " ارتفع الأجر الذي كنت أدفعه للحلاق لقاء قص وسيشوار الشعر في الفترة الأخيرة، ورغم ذهابي لعدة حلاقين مختلفين في المستوى والشهرة لكن السعر لم يختلف ".

وتابعت إن "ما ندفعه للحلاقين ليس عادلاً، فهم يطلبون الأجر الذي يريدون دون أن نتمكن من المناقشة، لأننا لا نعلم إن كان يحق لنا مناقشة ذلك أم لا"، مضيفة "طلب أحد الحلاقين من أختي أجراً يزيد على ما طلبه مني مع أن شعري أطول من شعرها، والفارق أني ذهبت إليه قبلها بيوم واحد فقط".

ومن جهتها قالت مروى 22 سنة طالبة جامعة، إنه "تعرض شعري للتلف بعد أن عملت فيه خصل (هاي لايت)، والسبب أن الحلاق الذي ذهبت إليه ورغم شهرته طلب من أحد الذين يعملون عنده أن يقوم بالعمل دون خبرة سابقة، ومع الضرر هذا تقاضى الحلاق الأجر المعتاد".

وأضافت "عانيت كثيراً بسبب ما لحق شعري من أذى، إلا أنني لا أعلم إن كان بإمكاني تقديم شكوى لأحد على ما حدث، لذلك بقيت حوالي السنتين أعالجه حتى عاد كما كان".



التسعيره غير منصفه والجمعية همها الرسوم

ومن جانبه قال الحلاق مصطفى خربطلي صاحب صالون في المزة، إنه "توجد أسعار محددة مفروضة علينا من محافظة دمشق، لكنها غير عادلة ولا تتناسب مع نفقات الصالون"، مضيفاً "هناك تصنيف للصالونات ولكل فئة أسعار تختلف عن الفئات الأخرى".

وتابع خربطلي إنه "خلال الفترة التي شهدت ارتفاعاً بالأسعار قمنا برفع أسعارنا فالأجور القديمة لم تعد تلبي احتياجات الحياة، خاصة فيما يتعلق بفواتير كهرباء المحل ".

وأشار خربطلي إلى أن "غياب التنظيم النقابي للمهنة يعد المشكلة الأساسية، فجمعية الحرفيين غير قادرة على تأمين حقوقنا و فرض الأسعار "، منوهاً إن "جلّ اهتمام الجمعية ينصب في دفعنا للانتساب إليها لندفع الرسم السنوي، وفي حال وقعت مشكلة تظهر عجزها وعدم فاعليتها".

ونوه خربطلي إلى أن " الدولة تعمل على أساس مصالحها دون اهتمام بمصلحة الزبون أو الحلاق، حيث تفرض علينا ضرائب قابلة للزيادة ، فضلاً عن تطبيق قانون العمل الذي يلزمني بتسجيل كل من يعمل لدي بالتأمينات الاجتماعية، وكل هذا دون وجود تسعيرة منصفة".



الغلاء من عقلية المجتمع

وحول الشكاوي من أجور تزيين العروس، قال خربطلي "أطلب من العروس مبلغ 15 ألف ليرة سورية وأعتقد بأنه سعر وسط ، فهناك وضع متعارف عليه بأن نأخذ من العروس مبلغاً مرتفعاً، وذلك يعود لتفرغي شخصياً للعروس ".

وأشار إلى أنه "هناك شيء خاطئ في عقلية مجتمعنا وخصوصاً المرأة، حيث يعتقدن بأن كل شيء جيد هو غالي بالضرورة، وكل رخيص سيء، ولو طلبت مبلغ 5000 ليرة سورية من العروس فلن تأتي الزبونات ظنناً منهن أن الرخص سببه سوء العمل".

وحول تفصيل الأسعار، قال خربطلي "أتقاضى مبلغ 300 ليرة على القص ومثلها للسيشوار، ولا أستطيع تخفيض السعر، لأن السيشوار لا ربح فيه بينما يكون الربح من الأمور التي لا تتطلب مواد أو كهرباء مثل القص".

وعن التسبب بأضرار لشعر الزبونات، قال خربطلي إن " التسبب بضرر لأي من الزبونات لا يلحق الأذى بالحلاق، فثقافة تقديم الشكاوى لجمعيات ومديريات حماية المستهلك ليست منتشرة في مجتمعنا، والنتيجة أن الزبونة المتضررة لا تحرك ساكناً وتكتفي بإخبار الآخرين بما حدث معها وبذلك تسيء لسمعة الحلاق ".



الشعر بضاعة مخلوفة

وبدوره قال الحلاق أيهم عبود صاحب صالون رهام في مخيم اليرموك، إن " المنطقة التي يوجد فيها الصالون تفرض علينا سعراً معيناً، وعلى الرغم من وجود تسعيرة من المحافظة لا يلتزم بها أحد".

وأضاف عبود إنه " لم يتضرر شعر أي زبونة عندي، لكن بالتأكيد إن حصل ذلك سيكون دون قصد وبالنهاية الشعر بضاعة مخلوفة ويمكن تعويضه بعد فترة"،ورفض عبود الكشف عن التسعيرة التي يتقاضاها، موضحاً أنه "لا فرق بين زبونة قديمة وجديدة، الكل متساو في الأجرة، ولا أحب المجادلة حول السعر لأن الزبونة تعتبر أي مبلغ أطلبه منها مرتفع".

وأشار عبود إلى أنه "تتردد علينا دوريات من الصحة وتفرض علينا تعقيم أدوات الحلاقة بجهاز خاص وتتأكد من الشروط الصحية للصالون، حيث أتبع في صالوني كل المتطلبات الصحية وأرتدي المريول خاصة عند تلوين الشعر".



الخجل يمنع المساومة

وحول أسعار الحلاقين، قال رئيس اللجنة الإعلامية لجمعية حماية المستهلك بدمشق وريفها، محمد سمير الجاجة لسيريانيوز إن "محافظة دمشق أصدرت عام 2008 لائحة تحدد أسعار الحلاقة النسائية والرجالية، حيث قسمت صالونات الحلاقة إلى فئات تختلف التسعيرة فيما بينها ووزعتها على كل الحلاقين، لكن عدم الانضباط موجود في جميع المهن".

وأضاف الجاجة إن "حالة الخجل التي يشعر بها الزبون أو المستهلك تمنعه من المساومة على الأجرة، فغالباً ما يكون الحلاق معروفاً بالنسبة للزبون، فضلاً عن المبررات التي يمكن للحلاق اللجوء إليها من استعمال مواد مرتفعة الثمن أو التفرغ للزبونة في حال كانت عروس وغيرها من الحجج التي يصعب التأكد من صحتها".

ونوه الجاجة إلى" دور المستهلك نفسه"، وقال إن "تقدم الزبون بشكوى نتيجة عدم الإعلان أو الالتزام بالسعر، أو تلف الشعر، يؤدي إلى التعجيل بحل المسألة وضبط الممارسات"، مضيفاً "إن وضع أرقام هواتف الشكاوي في كل المحال يساعد ويلفت انتباه المستهلك إلى وجود جهات معنية بالمخالفات وكيفية التواصل معها".

وحول الدوريات التأكد من التزام صالونات الحلاقة بالسعر، أوضح الجاجة إن "دوريات حماية المستهلك تواجه صعوبات بتفتيش صالونات الحلاقة النسائية، فلا يمكن لرجل أن يدخل الصالون لما يسببه هذا من إحراج، لذلك لابد من وجود شكوى على أساسها نتوجه للمكان المعني ونتأكد من صحتها، للقيام بالإجراء المطلوب".

وعن مصير الشكاوي التي تصل للجمعية، قال الجاجة " نحاول أن نحل القضية بشكل ودي بين الطرفين، وفي حال عدم تعاون أي منهما نحيلها إلى مديرية التجارة الداخلية، وتتطلب الشكوى اتصال هاتفي من الشخص المتضرر ودليل يثبت صحت الشكوى"، مشيراً إلى وجود "حالات عامة واضحة لا تتطلب الدليل لإثبات الشكوى، حيث نقوم حينها بالتصرف بالتعاون مع الجهات المعنية".

وأشار الجاجة إلى أن "القرار الصادر عن محافظة دمشق بخصوص بدل أداء الخدمات المتعلق بالحلاقة بنوعيها، لا يطبق على باقي المحافظات، فقرار الوزارة وحده قابل للتعميم".

وتابع الجاجة إنه "أرسلنا كتاباً لمديرية التجارة الداخلية في نهاية عام 2009، متضمناً شكاوي المواطنين حول ارتفاع بدل خدمة الحلاقة النسائية وعدم الإعلان عن الأجرة، حيث قامت الوزارة بدورها بإرسال كتب لكل مديريات التجارة الداخلية لإعادة النظر فيما يتعلق ببدل أداء الخدمات".

وكانت جمعية حماية المستهلك بمدينة دمشق وريفها أرسلت كتاباً إلى مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد والتجارة في عام 2001، بناء على شكاوي المواطنين حول ارتفاع بدل خدمة الحلاقة النسائية والتزيين النسائي دون وجود أي ضوابط ومعايير ودون وجود أي إعلان عن التعرفة.

وأردف الجاجة إلى أن "أصحاب صالونات الحلاقة يعرفون الفئة التي ينتمون إليها بناء على تصنيف محافظة دمشق، لكن الحلاقين يلجؤون إلى طرق وأساليب لتبرير أسعارهم المرتفعة مثل تقديم المشروبات والأطعمة للزبون"، مؤكداً على أن "غياب الضمير عند أولئك الحلاقين يبيح لهم ممارساتهم المستغلة لحاجات الآخرين، فالحلاقة ليست من الكماليات".

وإعلان بدل أداء الخدمات وارد بقانون حماية المستهلك الصادر عن الرئيس بشار الأسد عام 2008.



المخالفة لا تقدم للقضاء بل يصالح عليها

ومن جهته قال مدير مديرية حماية المستهلك في وزارة التجارة والاقتصاد عماد الأصيل إن "المكاتب التنفيذية بالمحافظة تصدر لائحة تحدد فيها الأسعار، بحيث تكون مهمتنا مراقبة الإعلان عن السعر، ونتدخل في حال وجود أي شكوى عن طلب أجرة مرتفعة".

وأضاف الأصيل إن "لوحات الإعلان عن الأسعار موضوعة في صالونات الحلاقة، لكنها قد توضع في أماكن غير واضحة للزبون أو يقوم صاحب الصالون بتغطيتها، وفي حال جاءت جولات من مديرية حماية المستهلك يبرز الحلاق لوحة الأسعار".

وحول عقوبة المخالفين، أوضح الأصيل إنه "يغرّم المخالف بعدم الإعلان عن بدل أداء الخدمات بمبلغ ألفين ليرة سورية إلى عشرة آلاف ليرة، حيث يصالح المخالف على مخالفته بدفع المبلغ المذكور"، مشيراً إلى أنه "لا يحال المخالف إلى القضاء مهما تكررت المخالفة".

وأضاف الأصيل إنه "منذ تسلمي منصب المدير لم تصلني أي شكوى بخصوص هذا الموضوع، فلا أحد يطالب بحقوقه ولا بتسعيرة لبدل أداء الخدمات، فالنساء في مجتمعنا تتجهن لكل ما هو مرتفع السعر".



شهادة وفحص قبل الترخيص

ولمعرفة مدى أهلية اصحاب المهنة استفسرت سيريانيوز عن آليات ترخيص الصالونات ، حيث قال رئيس جمعية الحرفيين بدمشق نذير الكردي "بعد أن يستوفي المتقدم بالطلب جميع الشروط الواجبة يقدم طلباً خطياً للجمعية حيث يعرض على لجنة تفحص أهليته للعمل، فضلاً عن وجود لجنة مكلفة بالكشف المبدئي على المحل، وباجتماع مجلس الإدارة يتقرر منحه الشهادة وانتسابه للجمعية في حال رغبته بالانتساب".

وأضاف الكردي إنه "بعد حصول الحرفي على الشهادة من الجمعية يتوجه للمحافظة لمنحه الترخيص اللازم لفتح المحل أو الصالون".

وفيما يتعلق بحالات الضرر، نوه الكردي إلى أنه "في حال تقدم أحد ما بشكوى لتعرضه للضرر، تتولى لجنة الكشف الميداني التأكد من صدق الشكوى، و تستدعي الشخص المعني بالشكوى لدفع تعويض عن الضرر المسبب".



الجمعية تنصف الحلاق

وعن شكاوي الحلاقين من الضرائب، قال الكردي إن "انتساب الحرفي إلى جمعية الحرفيين تعينه في موضوع الضرائب، وهناك لجنة استئنافية في حال اشتكى أحد الحرفيين من ظلم الضرائب المفروضة، كما أن الاشتراك السنوي الذي يدفعه الحرفي لصندوق المساعدة الاجتماعية بشكل نظامي، يمنحه فرص الاستفادة منه في حال اضطر للخضوع لعملية جراحية أو احتاج لمساعدة في تكاليف الزفاف وغيرها من الإيجابيات المتوفرة والتي يحققها لهم دفع الاشتراكات والانتساب للجمعية".

وأردف الكردي إن "التصنيف الصادر عن محافظة دمشق لم يشمل جميع الخدمات التي تقدم في صالونات الحلاقة فضلاً عن الاختلاف بين الأجور وأسعار العقارات باختلاف المناطق، حيث يصعب توحيد التعرفة في كل مناطق مدينة دمشق".



في حال الضرر يغلق الصالون غير المرخص

وبدوره كشف رئيس جمعية الحلاقين سعيد السعدي إنه "يقترب عدد صالونات الحلاقة غير المرخصة في مدينة دمشق من المرخص منها،(المرخص نحو 2200) لكن ومع فتح باب الترخيص للجميع وإمكانية معالجة كل الحالات يتجه الكثير من أصحاب الصالونات إلى الترخيص".

وأضاف إن "الصالونات الغير مرخصة هي المعنية بفئة (غير مصنف) في اللائحة التي حددت الأسعار الصادرة عن محافظة دمشق، وفي حال ضبط صالون غير مرخص نوجه له إنذاراً".

وأوضح السعدي إنه " قمنا بإغلاق أحد الصالونات غير المرخصة نتيجة تسببه بالضرر لإحدى الزبونات، بينما نعمل مع الصالونات المرخصة لمعالجة الضرر إن حدث"، منوهاً إلى أنه "إذا لحق الضرر بفروة الرأس نحيل المتضرر للصحة لتقوم بالإجراءات اللازمة للعلاج".

وحول أسعار الماكياج والوشم وغيرها من الأمور، قال السعدي إنه "يعد الماكياج والوشم والعناية بالأظافر وغيرها، من الخدمات التي يقدمها الصالون والتي لا نلزمهم فيها بتسعيرة محددة، لكن لا بد من الإعلان عن أسعارها لإتاحة المجال للزبونة للانصراف في حال لم يناسبها الأجر".

أروى المصفي -سيريانيوز