نزلوا واحدا تلو الآخر ولم يستطيعوا التغلب على الغازات
لم يدرك "علي" أن نهايته ستكون داخل فتحة للصرف الصحي, ليموت اختناقا تاركا اولاده العشرة الذين لم يستوعبوا قصة مقتل أبيهم حالهم كحال الأطفال التسعة الذين غادرهم درويش برحيله عنهم دون وداع وذلك بعد نزوله برفقة علي إلى قاع مجرى الصرف الصحي لأسباب غامضة ومثيرة للتساؤل.
وفوجئ أهالي قرية ميدعا شرق دوما بفقدان اثنين من شبابهم وإصابة اثنين آخرين في ظروف اعتبروها غامضة خاصة عندما يكون بطل القصة هو ذاك "الريغار المشؤوم" الذي استقطب ضحاياه للنزول إليه بملئ إرادتهم ليقتل ويصيب أربعة من شباب القرية.
زارت سيريانيوز قرية ميدعا (40 كم) عن دمشق للتعرف على تقاصيل قصة مقتل علي ابراهيم /40/ عام ودرويش درويش/35/ عام داخل مجرور للصرف الصحي وذلك بعد نزولهم إليه وتعريض حياة إثنين آخرين للخطر عند محاولتهما القيام بإنقاذ الضحايا ليصابا بعدها بحالات اختناق خطيرة أسعفوا على إثرها إلى مشفيي دوما وحمدان.
استخدام مياه المجارير في سقاية الأراضي..!
عبر حسين إبراهيم وهو الشقيق الأكبر لعلي عن حجم الفاجعة التي فوجئوا بها بسماع خبر مقتل أخيه وعن الطريقة البشعة التي مات من خلالها وقال لسيريا نيوز" فوجئنا بانتشار الخبر في القرية وكان صدمة كبيرة لنا, ولزوجته وأطفاله الذين كانوا ينتظروه ليلتفوا حوله كما اعتادوا يوميا عند مجيئه من عمله".
وعن سبب نزول علي إلى الريغار قال" لا نعلم حتى الآن سبب نزولهما إلى مجرى الصرف الصحي, ولكن أعتقد أنهم كانوا يحاولون استجرار المياه من القسطل وتحويله إلى الأراضي لسقايتها, ولكن لم يقوما بعمليات التهوية حتى استطاعت الغازات السامة في الأسفل من تغييبهما عن الوعي".
وحول وجود غطاء مقفل "للريغار" أوضح حسين" لاتزال المجارير في قريتنا تقفل بوساطة الأغطية الفونت ولا يوجد لها أقفال, حيث يستطيع أي أحد أن يفتحها بسهولة, هذا ما سهل من وصول علي ودرويش إلى قاعها, ولا نقول سوى إنا لله وإنا إليه لراجعون, حيث قدر الله وما شاء فعل".
ولم تكن عائلة علي ابراهيم أفضل حالا من عائلة درويش الذين استقبلوا اخبر وفاة ابنهم بحزن شديد وفقدان أطفاله التسعة لوجوده بينهم ورعايتهم, حيث لم يعلم ياسين (شقيق درويش) السبب الحقيقي لنزول أخيه برفقة علي إلى هذا الريغار معتمدا الروايات الي تداولتها القرية وقال" دارت الأقاويل أنهم نزلو عبر السلم المعدني الموجود في الريغار لغاية تحويل مجرى المياه إلى الأراضي بغاية سقايتها".
ويتابع" كما سمعنا أن سبب نزولهما كان بغرض تنظيف و"تعزيل" الأوساخ المتجمعة حول القساطل داخل الريغار, ولكن لم نتأكد حتى الآن من الرواية الصحيحة".
أربعة شباب داخل الريغار ..؟
وحول وجود ظاهرة استجرار مياه الصرف الصحي لسقاية الأراضي في قريتهم قال ياسين " لا يعتمد اهالي القرية هذه الطريقة عادتا, حيث إنها المرة الأولى التي نسمع بنزول أحد إلى مجارير مياه الصرف الصحي, وهي بالقرب من وجدة معالجة المياه المزمع تدشينها قريبا".
وأصيب كل من سامر/17/ عام ورمضان/ 23/ عام بحالات إختناق خطيرة وذلك بعد نزولهما خلف علي ودرويش لإنقاذهما, ليتم اسعافهما لمشفيي دوما وحمدان, وقال طبيب سامر المعالج أنه أصيب بحالة فقدان وعي وذلك جراء استنشاقه هذه الغازات الخطيرة ولكن حالته الآن مستقرة نوعا ما.
معضلة الأغطية بدون أقفال مستمرة!!
ولمعرفة الرواية الرسمية التقت سيريا نيوز رئيس بلدية ميدعا أحمد رسلان وأوضح"إن خط الصرف الصحي الذي نزل إليه الشباب الأربعة هو ليس جاهزا للإستخدام بعد وهو قيد التجهيز, كما أنه بعمق سبعة أمتار".
وحول سبب نزولهم إلى قاع الريغار عبر السلم المعدني الموجود قال"أعتقد أن الشباب الذين هموا بالنزول إلى المجرور قد كسروا القسطل بغاية الإستفادة من الماء في سقاية أراضيهم وذلك عن طريق تسكير حاجز المياه لتحويلها إلى هذه الأراضي".
وأردف أرسلان" إنها المرة الأولى التي يقوم بها أحد أهالي القرية بالنزول إلى قاع الصرف الصحي, حيث لم نسمع بمثل هذا الفعل سابقا".
وفيما يتعلق بضرورة وجود أقفال لهذه الريغارات أوضح" لا يوجد أقفال لأغطية الريغارات في قرية ميدعا حيث أنها أغطية الفونت المعروفة, وحتى في دمشق لم يكن هناك أغطية بأقفال سوى مؤخرا, كما أن خط الصرف الصحي غير تابع للبلدية أساسا ولسنا مسؤولون عنه".
محمد سويد - سيريانيوز