نعمةُ الإيمان
بين الصخورِ على التِّلالِ لمحتُها ..... وشممتُ عطرَ أريجِها فعشِقتُها
غمزتْ بعينٍ كالرَّجاءِ لمدنَفٍ ..... ومضٌ أطلَّ على الدُّجى فتبِعتُها
وسرحتُ في الغاباتِ أنصتُ هائماً ..... للوشوشاتِ لتمتماتِ حديثها
أسريتُ في عتمِ الدروبِ مفتِّشاً ..... وولجتُ في حلكِ الكهوفِ وصمتِها
وبحثتُ عنها في السفوحِ وفي الذُّرى ..... وشردتُ في الوديانِ بين شِعابِها
وسألتُ عنها كلَّ حيٍّ نابضٍ ..... كلَّ الطبيعةِ زهرَها وورودَها
وقصدتُ أحياءَ المدينةِ علَّني ..... ألقى سناها أو أفوزُ بطيفِها
بين المباهجِ والحلى وفتونِها ..... في الطيباتِ هنيئها ولذيذِها
فإذا التَّنعُّمُ واللذائذُ أولدَتْ ..... ألماً وحزناً أفقداني لمحَها
فعكفتُ أحفرُ في زوايا أضلعي ..... بين الثَّنايا في خبيءِ كهوفِها
أتفحَّصُ الخلجاتِ في دفقاتِها ..... أنحو مناحيها وأرصدُ نبضَها
فشعرتُ في الأعماقِ لومةَ عاتبٍ ..... يومي بنظرةِ عارفٍ لمكانِها
هي في سلامِ الروحِ تصدحُ حرَّةً ..... بين الجبالِ على سفوحِ هِضابها
هي في صفاءِ القلبِ ينعمُ بالرِّضى ..... هي في الضميرِ المستحِمِّ بطهرِها
هي نعمةُ الإيمانِ تعبَقُ بالتُّقى ..... والفكرُ ينقى يستنيرُ بنورِها
تنمو المحبةُ والوداعةُ تزدهي ..... والخيرُ يعمُرُ في وريفِ ظلالها
وتشعُّ في الأعماقِ أنوارُ الهدى ..... فيُضيءُ وجهُ اللهِ أفْقَ دروبِها
تحنو وتحتضِنُ الوجودَ وما حوى ..... والكلُّ يغرفُ من رحيقِ حنانِها
فتهُلُّ بالفرحِ الطَّهورِ وتنتشي ..... والغبطةُ الجذلى تعُمُّ حياتَها
يا سائلي عن سرِّ من أهوى وهلْ ..... بين الأنامِ خريدةٌ بجمالِها ؟
لو كنتَ تدري كم أفاقتْ من هوىً ..... في خافقي كم قد ذُهلتُ بسحرِها
كم أشعلتْ بين الجوارحِ من لظىً ..... لوِصالِها يخبو الوجودُ بوهْجِها
لغبطتني فيما لقيتُ من الأسى ..... أفنيتُ عمري في دروبِ غرامِها
وتفتَّتتْ أوصالُ ذاتي في الجوى ..... ولهيبِهِ حتى بدتْ فلمحتُها
في مُصطلى الأشواقِ في جمرِ المُنى ..... وذبحتُ روحي وامِقاً فوجدتُها
ووجدتُ فيها غبطتي ومسرَّتي ..... فهجرتُ لذَّاتِ الحياةِ لأجلِها