لوحة كوميدية من مسلسل بقعة ضوء بجزئه الثالث ، حملت عنوان " ابو جانتي .. ملك اللانسر" نالت إعجاباً كبيراً وحققت حضورا جماهيرياً لافتاً وبالطبع وكما الكثير من لوحات بقعة ضوء تحولت هذه اللوحة الى مسلسل من 30 حلقة ويحمل عنوان " أبو جانتي ملك التاكسي "
العمل الثلاثيني الجديد كان منتظراً منه الكثير في تسليط الضوء على عدد من المشاكل الاجتماعية بقالب كوميدي مضحك مبكي بنفس الوقت الا أنه لم يفعل ذلك على رغم النوايا الطيبة والمجهود الذي قدمه الفنان سامر المصري ، والفنانين الآخرين الذين بذلوا مجهودا ً كبيرا ً أيضا ً ، إلا ان العمل اقتصر على شخصية البطل الاشتثنائي " سامر المصري" فلاحظنا أن المسلسل يسلط الضوء على مزايا وخصال " ابو جانتي" وإظهاره بأنه رجل " قبضاي، شهم ، كريم ، نخوة" دون ان يسلط الضوء على قضايا الناس الهامة فتحول العمل إلى سلسلة مشاهد مركزة على أبو جانتي وسيارته وإظهارهما من الثوابت التي لاتحتاج إلى برهان ، في حين أن الشخصيات الاخرى لا تقوم بأي أدوار محورية في العمل سوى ظهور وراء ظهور لاستكمال وقت الحلقة .
وهنا نتساءل ماهو الدور الذي يقوم به أحد اهم نجوم الكوميديا في الدراما السورية " ايمن رضا" في هذا العمل سوى التلاعب بالألفاظ والبحث عن مصطلحات جديدة في تلطيش الفتيات وقمع صانعه وليد والتعرض للقمع من قبل زوجته أم ليلى .. ماهو الدور الذي يلعبه " ابو ليلى في هذا العمل . اين هو الطرح أو القضايا التي يقدمها واين هو الدور الذي تلعبه الشخصية في العمل وما هي الأدوار التي يلعبها كل من " اندريه سكاف، خالد تاجا وفادي صبيح وشكران مرتجى ... وما هو مدى تأثيرها وماذا تقدم ؟... في الحقيقة وللأسف لا شيء ؟!.
أما شخصية أبو جانتي والتي يؤديها الفنان سامر المصري والذي كتب النص بالاشتراك مع رازي وردة ، فيبدو أن المصري قد فصلها لتكون كل شيء في العمل ، وليكون هو البطل المطلق ولتبقى الشخصيات الأخرى مجرد شخصيات مسخرة لخدمة دور البطولة ، فبدا العمل رتيباً مكرراً ،
ولكن لا احد يستطيع أن ينكر أن العمل في حلقاته الاولى لاقى جماهيرية كبيرة إلا أن استمرارا التكرار افقد الجمهور جاذبيته للعمل . فالمسلسل يقدم سائق التكسي " البطل " مع ضيوف يظهرون في حلقة أو حلقتين ليطرحو مشكلتهم لأبو جانتي المستعد للتضخية برزقة وعيشته من أجل مساعدتهم إلا أن هذه المشاكل التي طرحت وللأسف تتصف بـ " السطحية وانعدام الأهمية " .
العنوان الأبرز الذي جذب الجمهور للعمل هو اغاني أبو جانتي المتضمنة اللغتين العريبية والانكليزية وبعض عراضات ابو ليلى وبعض العبارات التي يقولها ابو جانتي " سلبناها عليكم" . " الله يعطيك العاصفة " وغيرها .
وبالتالي فإن ما يقدم هو مجرد تلاعب بالألفاظ .. وليس كوميديا هادفة لتسليط الضوء على مشاكل المجتمع .
وبالعودة الى التكرار فإننا نلاحظ انه مع تقدم حلقات المسلسل أن الجمهور اصبح يتوقع ماالذي سيقدم في الحلقة وبالتالي لا جديد فمشاهد عشق أبو جانتي لسيارته ومصطلحاته المكررة باتت معروفة وبالتالي فإن رؤية مشهد واحد لأبو جانتي يعني مشاهدة العمل بأكمله مع تغييير الشخصيات المرافقة فقط .
أما من ناحية الاخراج فإن هذه القطعات وتسريع الحركة التي يعتمدها المخرج فيبدو أنها لم تساهم في التجديد بل على العكس ربما تساهم في تململ المشاهد وعدم جذبه نحو الصورة .
إذاً المشكلة في مسلسل أبو جانتي تكمن في تركيب الشخصية من قبل الكاتب " البطل المطلق للعمل " لتكون المحور الذي تدور حوله الشخصيات الاخرى دون أن يكون لها دور مؤثر على الأحداث التي تبدو غير واقعية وغير هادفة وبالتالي مشكلة المسلسل بدأت من أن كاتبه قد كتبه لنفسه ليكون " ملك البطولة " دون أن يحسب حساب لسيرورة العمل ولأحداثه و لأدوار الشخصيات الاخرى وهذا ما أدى إلى بدء تهاوي العمل وسقوطه تدريجيا ً .. وليبقى الجمهور بانتظار العمل الذي يقدم قضاياه ومشاكله كما فعلت الأعمال الكوميدية السورية في السابق .