قام المهندس " علي أحمد منصورة " محافظ حلب بتوجيه كتاب إعفاء إلى جهاز الإشراف على المقبرة الإسلامية الحديثة و أحال الموضوع للرقابة و التفتيش كما حمل المتعهدين مسؤولياتهم والتقصير والإهمال الذي وصل إلى درجة الفساد ، في الوقت الذي برئ فيه مدير أوقاف حلب المتهمين و حمل موضوع الفساد للجنة السابقة التي كانت مستلمة ما قبل عام 2000 .
و بحسب الزميل محمد العنان في جريدة " الجماهير " فإن قرار المحافظ جاء بسبب " التقصير و الإهمال الذي وصل إلى درجة الفساد في تنفيذ تسليم الآلاف من القبور منذ مطلع العقد الجاري حتى الآن ، و التواطؤ بين أكثر من جهة في هذا الموضوع .
وتعود القصة إلى انهيار 60 قبراً في أحد مشاريع المقبرة الإسلامية الحديثة المنتهية والمسلمة من قبل المتعهد أصولاً , إلى جانب التأخر في تسليم المشاريع الأخرى وسوء تنفيذها الحالي .
المحافظة " تواطؤ بين جهاز الإشراف في مديرية الأوقاف و عدد من المتعهدين "
و بحسب مصادر في المحافظة لعكس السير , فهناك اتهامات بالتواطؤ ما بين جهاز الاشراف ( من مديرية الاوقاف ) مع عدد من متعهدين هذه المشاريع خلال السنوات العشرة الماضية .
وتدور الاتهامات حول عدم التقيد بالمواصفات الفنية ، اضافة الى أن المتعهدين لم يتقيدوا بالكميات اللازمة من مواد البناء و التسليح ، الامر الذي أدى الى انهيار 60 قبرا من أحد المشاريع المنتهية و المسلمة ، الى جانب سوء التنفيذ بأحد المشاريع الجاري تنفيذها على منوال المشاريع القديمة و التي تنذر بالنتائج نفسها بعد حين .
وبحسب المصادر , فقد تأكد محافظ حلب المهندس " علي أحمد منصورة " من ذلك من خلال قيامه بتشكيل لجان فنية للكشف و اعداد التقارير اللازمة بهذا الموضوع .
المحافظ يحول التقرير إلى فرع الهيئة المركزية للرقابة و التفتيش ويطلب من الأوقاف إعادة النظر بدراسة بناء القبور
و وجه المهندس منصورة بناءا على هذه التقارير كتابا إلى فرع الهيئة المركزية للرقابة و التفتيش لإجراء التحقيقات اللازمة بهذا الشأن .
كما وجه كتابا الى مديرية الأوقاف بإعفاء جهاز الإشراف المكلف على مشروع عقد بناء 5000 قبر الذي ينفذه المتعهد " ع س " لـ عام 2009 ، و الذي يتم تنفيذه حاليا ، و أيضا تشكيل جهاز إشراف جديد كامل على المشروع و التأكيد عليه بمتابعة تنفيذ جميع الأعمال بأفضل شكل فني ممكن ، و إلزامه بالتقيد بالشروط الفنية و العقدية اللازمة تحت طائلة المساءلة .
و طلب المحافظ من مديرية الاوقاف التأكيد على المتعهد " ع - ح " متعهد مشروع عقد بناء ( 2500 ) قبر لـ عام 2000 – 20001 لمعالجة القبور المنهارة و المتصدعة ، و إعادة صيانتها و إغلاقها وفق الشروط الفنية اللازمة حرصا على حرمة الموتى ، و ذلك خلال 15 يوما من تاريخ إبلاغه .
و في حال عدم التزامه و امتناعه عن الإصلاحات اللازمة , تقوم مديرية الأوقاف بذلك على حساب المتعهد و مطالبته بالعطل و الضرر الناجم عن عدم الالتزام بالشروط الفنية و العقدية اللازمة .
كما وجه محافظ حلب الى مديرية الأوقاف تحميل متعهد مشروع " أ - ح " عقد بناء 2500 قبر و المتعهد " م - أ " لـ عام 2008 المسؤولية في حال ظهور أي تخربات أو تهدمات نتيجة سوء تنفيذ أعمال البلوك الإسمنتي ، ووضع القبور تحت المراقبة و مطالبة المتعهدين بالعطل و الضرر الناجم عن عدم الالتزام بالشروط الفنية و العقدية اللازمة .
و طلب أيضا من مديرية الأوقاف إعادة النظر بدراسة بناء القبور و خاصة طبقة التأسيس التي سوف يتم البناء فوقها درءا لحصول أية هبوطات في القبور مستقبلا ، و كذلك الردميات بين القبور باستخدام مواد مناسبة لمثل هذه الأعمال .
ووجه " منصورة " بتشكيل لجنة مشتركة من مديرية الأوقاف و مجلس المدينة ( مكتب دفن الموتى ) لمراقبة أعمال القبور و عدم السماح ببناء أي شيء فوق القبور إلا بإشراف و توجيه مندوب مكتب الدفن في المقبرة لضمان سلامة هذه القبور و أن يتم ذلك بشكل فني صحيح .
اللجنة الفنية " قبور باتجاهها إلى السقوط .. مستقبلاً "
و كانت اللجنة الفنية المشكلة من قبل المحافظ قد بينت من خلال الكشف الميداني و المشاهدة على أرض الواقع بأنه ظهرت الكثير من القبور المتصدعة و المنهارة ، و بعضها الآخر آيل للسقوط في المستقبل القريب من أعمال العقد 2500 قبر لـ عام 2000 ( و هي قبور مستثمرة بالرفاة ) حيث يعود ذلك الى القصور في الدراسة و سوء استثمار القبور .
وبحسب اللجنة " لم يتم القيام بأعمال البناء أو الصب فوق جسم القبر مباشرة بل فوق طبقة من التراب الأحمر بسماكات مختلفة ، حيث تساهم الظروف الجوية في حدوث تغيرات تؤدي إلى تهدم جسم القبر ، إضافة إلى سوء في التنفيذ حيث لم يلتزم المتعهد بعدد قضبان التسليح و استخدامها بشكل عشوائي ، و عدم مطابقة البلوك الاسمنتي للشروط الفنية و العقدية اللازمة " .
أما عقد بناء 2500 قبر لـ عام 2008 فهناك سوء تنفيذ من حيث عيارات الاسمنت للبلوك المستخدم و الطبقات و حديد التسليح .
و أما بالنسبة لمشروع بناء 5000 قبر لعام 2009 الذي مازال ينفذ حتى الآن فهناك سوء تنفيذ من حيث عيارات الاسمنت للبلوك المستخدم و عدم السقاية الجيدة للبلوك بعد صناعته و بعد بنائه .
اضافة الى سوء أعمال البناء للقبر و سوء التكحيل و عدم الالتزام بالردم بين القبور و رص الردميات وفق الشروط الفنية ، و أيضا عدم قيام المهندس " م- ف " و المهندس " ع – ع " الاشراف على اعمال المشروع و القيام بواجبهما و دورهما بالتزام المتعهد بتطبيق الشروط الفنية و العقدية اللازمة للاكتفاء بتوجيه انذارات للمتعهد للالتزام بتنفيذ البلوك وفق الشروط الفنية المطلوبة , وكل ذلك بحسب اللجان المشكلة .
مدير الأوقاف " من المعيب خلط الأوراق .. الفساد كان موجوداً في لجان قبل عام 2000 والمتهمون أبرياء "
من جهة أخرى أكد الدكتور " محمود أبو الهدى الحسيني " مدير الأوقاف في حلب الفساد الموجود في قضية القبور في المقبرة الاسلامية الحديثة ، لكنه في الوقت نفسه براءة " المتعهدين الحاليين " .
وأشار خلال اتصال هاتفي لعكس السير إلى أن المسؤول عن الفساد هو اللجنة التي كانت قبل عشر سنوات و ليس اللجنة التي وجه اليها الاتهام " .
وأكد الدكتور " الحسيني " أن هناك خلطاً بالأوراق بين السابق و الحاضر .
و قال الدكتور " أبو الهدى " لـ عكس السير : " نحن ملتزمون بالقبور قيد الإنشاء ( 5000 قبر ) في المقبرة الإسلامية ، و الإشراف و التدقيق على أفضل حال ، أما بالنسبة للانهيارات التي حصلت فهي نتيجة فساد وقع من قبل اللجان ما قبل عام 2000 ، و نحن لا علاقة لنا به " .
و تابع " أنا استلمت عملي كمدير منذ سنة ، و نحن مسؤولون عن عمل المرحلة ما بعد عام 2000 و ليس قبل عام 2000 ، و من المعيب خلط الأوراق بطريقة غير صحيحة ، و الكلام الذي قيل للصحف كان خطأ إضافة إلى أنه وصل بطريقة غير سليمة " .
و استغرب الدكتور أبو الهدى من الذي حصل خاصة بعد الاجتماع ( لجنة مقابر المسلمين ) الذي كان أمس بحضور اللواء قائد شرطة المحافظة ، وعضوا المكتب التنفيذي بمجلس المحافظة والمدينة ، ومفتي حلب ، ومدير الأوقاف ، ومدير مكتب دفن الموتى ، مع جهاز الإشراف .
و أكد أبو الهدى براءة المتهمين ، و أن قرار المحافظ بإحالة الموضوع للرقابة و التفتيش أشعره بالراحة ، بسبب حيادية الهيئة وحرصها على إجلاء الحقيقة .
و أضاف الدكتور " نحن ندقق وراء المتعهد ، و نطلب تقارير يومية و أسبوعية عن تنفيذ عمله ، إضافة الى ذلك لقد أجرينا اختبارات على مقاومة القرميد في القبور و النتائج كانت كما توقعنا جيدة " .
و نفى الدكتور عبر عكس السير أنه وجود أية شخص فاسد أو له علاقة بالفساد داخل المديرية منذ استلامه الإدارة .
و ختم أبو الهدى حديثه " لن نسمح حاليا و مستقبلا من وجود أي شخص فاسد في كادرنا " .
و نوه الدكتور أنه ليس بالجميل أن نغش الرأي العام بإعلام زائف كما وصفه .
يشار إلى أن الدكتور " الحسيني " كان استلم منصبه كمدير لأوقاف حلب قبل نحو عام , شهدت خلالها المديرية تطوراً ونشاطاً ملحوظين , وتميز بمحاربة الفساد داخل مديريته على أكثر من صعيد ,
يذكر ان مدينة حلب تضم 16 مقبرة اسلامية اضافة الى المقبرة الاسلامية الحديثة التي تمتد على مساحة 80 هكتارا ، وانجز فيها 15 الف قبر افرادي ، و 300 مقسم اسروي يضم الواحد منها 20 قبراً ، ويتم حالياً تنفيذ 5000 قبر فيها .
– عكس السير