إن لله جنوداً من العسل
هذه مقولة ... يحكى أن صاحبها هو معاوية بن ابي سفيان
والحكاية حدثت عندما قام معاوية وعمرو بن العاص بقتل الأشتر- والي علي بن أبي طالب على مصر- بالسم
شعر معاوية بالقلق فهو يدرك إن وصول مالك الأشتر إلى مصر يعني إنقاذها، لهذا فكّر بقتله.
كان معاوية إذا أراد أن يغتال شخصاً دسّ إليه العسل المخلوط بالسمّ.
وكان معاوية يستورد هذه السموم من القسطنطنية، وكان الروم يسمحون بتصديرها لأنّهم يعرفون إن معاوية يستخدمها لقتل المسلمين.
قال عمرو بن العاص:
ـ إنّي أعرف رجلاً يسكن مدينة القلزم على حدود مصر وهو يملك أراضٍ واسعة و لابدّ أن يمرّ الأشتر في هذه المدينة ويتوقّف فيها للاستراحة.
قال معاوية:
ـ إذن اتصل به واخبره إذا تمكّن من اغتيال الأشتر فسنعفيه من دفع الضرائب مدى الحياة.
وهكذا انطلق مبعوث معاوية على وجه السرعة، وأخذ معه العسل المسموم ليتصل بذلك الرجل ويقنعه بهذه المهمّة.
الشهادة
وافق الرجل على اقتراح معاوية وأخذ الخليط القاتل، يترقّب وصول مالك الأشتر.
وبعد أيام قليلة وصل مالك مدينة القلزم.
دعا الرجل والي مصر الجديد لأن يحلّ ضيفاً في منزله.
لبّى مالك الأشتر الدعوة شاكراً.
وضع الرجل إناء العسل المسموم في مائدة الطعام.
وعندما تناول الضيف ملعقة واحدة شعر بألم شديد في أمعائه وأدرك المؤامرة، فقال وهو يضع يده على بطنه:
ـ بسم الله.. إنّا لله وإنّا إليه راجعون.
واستقبل مالك الأشتر الموت بشجاعة المؤمن المطمئن الذي يعرف إنّ طريقه هو طريق الإسلام والجنّة.
وعندما استشهد مالك الأشتر، كاد معاوية أن يطير من الفرح وقال:
ـ لقد كانت لعليّ بن أبي طالب يدان. قطعت إحداهما يوم صفين وهو عمّار بن ياسر. وقطعت الأُخرى اليوم وهو مالك الأشتر. وافتعل الحديث: (إن الله جنوداً من العسل).
أمّا أمير المؤمنين علي (عليه السَّلام) فقد شعر بالأسف العميق وقال بحزن:
ـ رحم الله مالكا...فقد كان لي كما كنت لرسول الله (صلى الله عليه وآله).
( إنتهى )
همسة محبة في الله لوعي يفتخر بصحبتكم ويراكم أهلاً وخلانا
في هذه الحكايا التي تبتعد عن الوعظ والإرشاد وتبتعد عن فقه العبادات وأركان الإسلام والإيمان
وفيها نقل لما له وقع في النفس من قصص الدسائس والمكر والخديعة رسالة أردت أن أوجهها للقُراء الاعزاء
الواثق بوعيهم وبكونهم أهلا لقمة الوعي وتيجاناً فوق هامته
إذا كان حب المُلك والسلطان جعل معاوية يتصرف بمثل ما ذكر ... وإذا كان عمرو بن العاص داهية العرب
وغيرهم من الصحابة ... فما بالنا اليوم بقياداتنا الإسلامية ... هل نرى بهم الفضل والفضيلة على صحابة رسول الله
من هو الزرقاوي والطنطاوي وابن لادن وغيرهم من كاتب الوحي وصحابة رسول الله ... لماذا نبعد عنهم الشك والريبة
ويقدس بعضنا تصرفاتهم السياسية وكأن من يقوم بها منهم ملك منزه عصمه الله عن الخطأ ... ولا نعترف بحبهم للملك والرياسة كما هم السابقين من الخلفاء العباسيين والأمويين والخوارج وغيرهم الكثير .... أنها الساسية تفعل الأفاعيل
وشيطان الكرسي والجاه قد علت به الأقاويل ... والتاريخ أحسن الرواية برغم أن بها بعض الدسائس والتأويل .. سرده الكاتب وغالا به أو أختصر حسب الهوى أو إفتقاره للحجة والدليل ... وبالرغم من كل هذا فالعقل والإعتدال يوحي لنا بأن النوى يجود به النخيل... والنوى يبقى نوى إذا ما قصر السعف أو طال النخيل فالطول و القصر لا يجعل النوى من ثمار الزنجبيل .... وأخيراً علينا أن لا نتعصب في السياسة وأن لا نحيط قادتها بهالة القداسة والتبجيل .. هي رسالتي والله يعلم قصر باعي عن نصيحة من شد عنان السياسة بعلمانيته أو بحلاوة ذقنه وزركشات جلبابه الطويل