تتربع على تل اثري محفور بالصخر على مساحة 4.5 هكتارات تقع في اقصى الشمال الشرقي لمحافظة ادلب 60 كم ضمن منطقة حارم وهي من اهم القلاع العربية الإسلامية.
وقد سيطرت على طريق انطاكية ـ أفاميا ـ بيت المقدس وقد بنيت على طراز الهندسة المعمارية الايوبية العسكرية تعود الى الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين الأيوبي وترتفع عن المنطقة المحيطة بها 47 متراً حيث تطل من هذا الارتفاع بأبراجها العالية من الشمال والشرق على مدينة حارم ومن الغرب تطل على سهل العمق موقعها الاستراتيجي جعلها من مواقع الثغور العربية الاسلامية الهامة على الحدود العربية الشمالية.
يحيط بالقلعة من الشمال الشرقي خندق كبير بطول 25 متراً وعرض 8 أمتار نُحت بالصخر وتضم القلعة بين جنباتها ابراج مراقبة وجدران ضخمة وحمامات وسراديب سرية تربط أعلى القلعة بأسفلها وفيها نبع ماء يسقي سكان مدينة حارم ويشبه المدخل الرئيسي للقلعة الى حد قريب مدخل قلعة حلب لكنه بشكل مصغر وبالدخول من هذا المدخل يتصدر مستودع صغير ثم ممرين من اليمين والشمال ثم يليهم سوق يضم 12 محلاً وبينها مداخل على المستودعات والغرف والمسجد المغمور بالتربة في حين يقع على سطح القلعة بئر اصطناعي كانت تخرج منه المياه بواسطة دولاب خشبي من نبع الماء الموجود تحت القلعة وبجواره خزان ماء تتفرع منه قنوات الحمام الفخارية الرائعة الشكل بالاضافة الى سرداب آخر يؤدي الى النبع الموجود تحت القلعة بعمق يصل الى 150 متراً أمام الحمام فان معالمه واضحة حتى الآن خاصة أنابيب المياه المصنوعة من القرميد وفي الجهة الشرقية من القلعة يقع قصر الإمارة المحاط بالسراديب السرية وحمام خاص به.
يقول بعض المؤرخين بان هذه القلعة كانت قبل الإسلام وحتى صدر الإسلام موقعاً لدير حتى سنة 959 ميلادية حيث احتل الروم انطاكية فاستخدموا القلعة حصناً لحماية مواشيهم وظلوا يجددونه ويوسعونه حتى جاء الأيوبيون واضافوا عليها من التجديد والروح العربية الشرقية حيث ماثلت بتلها قلعة صلاح الدين وبشكلها الخارجي قلعة حلب وقد اضاف الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين الايوبي تحصينات منيعة وبُني فيها أربعة ابراج للمراقبة وما زال اسم الملك الظاهر منحوتاً على الجرف الصخري للخندق المحيط بالقلعة وقد شهدت هذه القلعة أحداثاً تاريخية هامة جعلت منها قلعة عربية حصينة منيعة.
تعرضت القلعة الى هجمات التدمير والتخريب من الصلبيين عام 1097م ودمرها هولاكو عام 1260 م ثم هاجمها المغول 1271م زمن الظاهر بيبرس حتى تراجع موقعها الحربي. ويعتبر ابن الاثير بان استيلاء الصلبييين على قلعة حارم لا يقل أهمية عن استيلاء نور الدين على دمشق وأيضاً ذكر ابن القلاسي بأن استيلاء الصليبيين على القلعة ثبت اقدامهم شرق نهر العاصي. ويؤكد المؤرخ أبو شامة بانه عندما انتشر خبر استيلاء صلاح الدين على حارم رجفت انطاكية من ذلك رعباً حتى اعتبر فتح حارم عام 1164 على يد نور الدين زنكي سبباً في فك حصار الصلبيين عن مصر وعودتهم الى بلاد الشام.